وصل ملف التفرغ في الجامعة اللبنانية إلى عقدة يصعب حلها، بعدما بدأت المكاتب التربوية في الأحزاب تتطلع على الأسماء التي شطبت من الملف بعد تطبيق المعايير. وتبين أن المعايير التي وضعت لترشيق الملف وجعله متوازناً طائفياً، أدت إلى شطب عدد كبير من الطائفة الشيعية. ورغم أن وزير التربية عباس الحلبي استمهل الأحزاب، ولا سيما وفدي الثنائي الشيعي، بضعة أيام لفكفكة العقد، إلا أن الحفاظ على المعايير التي طبقت، تؤدي إلى طريق واحد: عدم قبول وزراء الثنائي الشيعي إقرار الملف في مجلس الوزراء.
الأحزاب تتطلع على الأسماء
بيد أن المستغرب في كل هذه القضية إقدام مكتب الوزير عباس الحلبي على اطلاع بعض الأحزاب على الأسماء التي خلصت إليها معايير حذف المتعاقدين، ومقارنتها مع الأسماء التي رفعتها مكاتبها التربوية سابقاً. هذا فيما لم ينشر الأسماء للعلن أو أقله للمعنيين أي المتعاقدين. أما بين الأحزاب نفسها فتقول المصادر أن الحلبي يعمل على أساس: “ناس بسمنة وناس بزيت”. ووفق مصادر متعددة، اطلعت غالبية الأحزاب على الأسماء. وهذا ما أضاف إلى الملف المزيد من التعقيدات، التي قد تؤدي إلى “تطييره”، في حال لم تحصل تنازلات.
وفي المعلومات الحديثة التي حصلت عليها “المدن”، تبين أن أعداد المتعاقدين الذين سلمهم رئيس الجامعة إلى وزير التربية تغيرت أكثر من مرة. أما العدد الفعلي للملف الذي عمل عليه الحلبي ورئيس الجامعة بسام بدران لتطبيق معايير تخفيض العدد وتحقيق التوزان فمؤلف من 1671 متعاقداً، بينهم 603 متعاقدين شيعة ونحو 480 من السنة، ونحو خمسين درزياً والباقي مسيحيون. وبعد تطبيق المعايير (الأقدمية والحاجة والتوازن الطائفي) تقلص العدد إلى أقل من 1200 متعاقد.

العقد الشيعية
ووفق مصادر متعددة، الملف عالق بعقدة شيعية لا يمكن حلها. والسبب عدد المتعاقدين الشيعة الضخم في الملف الأساسي. وتشرح المصادر أن معيار الأقدمية المعتمد لا يطبق على مجموع الأساتذة المراد تفريغهم، بل يطبق على الطوائف، أي ليس على الجامعة بشكل عام. ويختلف معيار الأقدمية بين طائفة وأخرى. فلدى بعض الطوائف معيار الأقدمية (نسبة للعدد المراد تفريغه للطائفة) يصل إلى عشر سنوات بينما لطوائف أخرى ينخفض لأربع سنوات أو أقل. غير ذلك، فإن تطبيق معيار الأقدمية على جميع الطوائف بشكل متساوٍ يؤدي إلى خلل كبير في التوازن الطائفي بعديد المتفرغين.
وتضيف المصادر، أن تطبيق معيار الأقدمية أدى إلى حذف أسماء مناصرين للثنائي الشيعي في مختلف الكليات. فالعديد من الأساتذة المنتمين للطائفة الشيعية من الذين تفرغوا في الجامعة منذ أكثر من عشر سنوات هم مستقلون، ومعيار الأقدمية أدى إلى شطب متعاقدين جدد من المناصرين، لصالح تفريغ الأقدم في الكلية من غير المنتمين لطرفي الثنائي. هذا في وقت يتعرض طرفا الثنائي لضغوط من مناصريه. كما أن معيار الأقدمية اختلف بين كلية وأخرى، ففي كلية الآداب الأقدمية قضت بشطب كل المتعاقدين بعد العام 2014، فيما معيار الأقدمية بكلية العلوم أو الكليات التطبيقية، يختلف جذرياً.

رفع عدد المتفرغين
في المقابل، تشير المصادر إلى أن اختلاف معيار الأقدمية بين طائفة وأخرى يؤدي إلى تفريغ متعاقد مسيحي (على سبيل المثال) في الكلية والقسم نفسه، لم يمض على تعاقده ثلاث سنوات مع الجامعة، بينما يتم شطب اسم متعاقد شيعي أو سني، متعاقد منذ أكثر من عشر سنوات. وهذا يحصل عندما يتم تطبيق معيار حاجة الكلية للمتفرغين، التي سبق وعرضتها “المدن”.

أما العقدة الشيعية الثانية، والتي لا تقل تعقيداً عن معيار الأقدمية، فتتمثل بمطالبة طرفي الثنائي برفع عدد المتعاقدين المراد تفريغهم إلى أكثر من 1180 متعاقداً، أي زيادة نحو خمسين اسماً لكل طرف شيعي. وهذا المطلب لا يمكن تحقيقه إلا من خلال زيادة مئة متعاقد سني. فهذا المبدأ ثابت ومكرس لدى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، كما نقل عنه أكثر من طرف سنّي. وهنا تقع معضلة جديدة عند المسيحيين، تتمثل بانخفاض نسبتهم قياساً بالمسلمين، ليس إلى ما دون الـ45 بالمئة، بل إلى أقل من 35 بالمئة. لا بل يصبح الملف أقرب إلى المثالثة، في وقت يطالب المسيحيون بالمناصفة.
وتضيف المصادر، أي زيادة بعدد المتعاقدين المسلمين يؤدي حكماً العودة إلى تجربة العام 2014 عندما أدخل إلى التفرغ أساتذة غير متعاقدين بالأساس مع الجامعة. أي إدخال حملة شهادات دكتوراه من الطوائف المسيحية إلى التفرغ، حتى لو لم يكن لديهم عقود مع الجامعة. وقد جرى التلميح بقضية وجود العديد من المسيحيين من حملة شهادات دكتوراه أو من خريجي الجامعة اللبنانية من الذين قدموا سير ذاتية للتعاقد في بعض الكليات. لكن لم يتم التعاقد معهم بعد. لكن رئيس الجامعة يرفض هذا الأمر، ويصر على إدخال المتعاقدين مع الجامعة حصراً، لأنه لا يريد تكريس الحالة الشاذة التي أقدم عليها وزير التربية الأسبق الياس بوصعب في العام 2014.

المصدر: المدن